المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في استظهار الحقائق لتحقيق العدل وتأكيد سيادة القانون، ويطلق على من يمارس مهنة المحاماة محامٍ أومستشار قانوني. والمحاماة مهنة قائمة على تقديم المساعدة للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في اقتضاء حقوقهم والمعاونة في العمل وفقا للقوانين المتبعة في كافة المجالات والدفاع عن حقوق الآخرين والتوعية القانونية للمواطنين بحقوقهم وواجباتهم. إن المحاماة مهنة كتمان السر والشرف فلا يحق لمن يعمل بها أن يفشي أسرار عملاءه، فقد وثقوا به ووضعوا ثقتهم به، ويحكم ممارسة مهنة المحاماة القانون.
ومهنة المحاماة من المهن الشريفة التي تُظهر الحق وتنصر المظلوم، وهي المهنة التي يحترفها شخص يدرس القانون والنصوص القانونية ويحاول تكييف الوقائع والأحداث لإظهار الحقيقة، وهي من المهن الدفاعية التي تنصف جميع الأطراف ويقال انها مهنة نبيلة لأنه في القديم كان يزاول تلك المهنة النبلاء والأشراف وأصحاب المكانة الرفيعة فقط، كما أن مهنة المحاماة المهنة الواسعة التي تتفرع إلى الكثير من الأقسام فالمحامي يلقى على عاتقه الكثير من الأمور وليس شرطا أن يكون هناك مظلوم أوظالم، فحينما ينظم المحامي اتفاقية بيع فإنه أبرم عقدا منسجما مع القانون ويحمي الأطراف في حالة الخلاف، فهذا مثال بسيط على مدى أهمية تلك المهنة في العالم.
ولهذا لا يستطيع أحد أن يُنكر أن المحاماة لازمة من لزوميات العدالة، وضرورة من ضرورات تحقيقها، والعدالة كل كامل لا يتجزأ ولا يتقطع وإلا انهار وانعدم. لذلك يقول صولون إنه: “لا يمكن تصور حكم بدون مدافع أوحكم بغير دفاع”.
والمحاماة تقوم على الكثير من المبادئ الرئيسية والهامة أهمها الصدق والإخلاص في التعامل ، فكثير من المحامين يعتبرون أن الصدق هو المفاتح الرئيسي لبناء قاعدة جماهيرية وأيضا وسيلة فعالة لكسب ثقة الزبائن لهذا يعتبر الصدق من الأمور الهامة التي تلعب دورا كبيرا في نجاح أي محامٍ، كما إن الإخلاص هو من المبادئ الرئيسية التي يجب أن يتحلى بها كل محامٍ، فطالما كان المحامي مخلصا لموكله فهو يمشي في الطريق الصحيح، كما إن إخلاص المحامي للقضية هو شيء مهم، وتطبيق النصوص الصائبة التي تحقق العدالة هو شيء أهم، لهذا يعد الإخلاص من الأمور الجوهرية والرئيسية التي يجب أن يتحلى بها كل محامٍ أومحامية.
يعد الالتزام والمثابرة والنشاط من المبادئ الرئيسية التي تحقق كسب الثقة وهي من المبادئ الضرورية والهامة التي يجب على كل محامي التحلي بها، فإذا كان المحامي غير ملتزم لن يحقق في عمله الهدف المنشود منه لهذا وجب على كل محامي أن يكون ملتزما بمواعيده ومواعيد الجلسات، كما إن من الأمور الضرورية التي يجب أن يتحلى بها المحامي، النشاط: فهو عنصر هام لتغيير مجرى الأمور وسرعة سير العدالة وأيضا إرضاء كبير للموكل، فنشاط المحامي يدل على نواياه الجادة في تحقيق العدل، أما الكسل والتجاهل والفتور يؤدي في النهاية إلى ضعف كبير في المحامي وضعف عام في القضية.
وقد نظم القانون العماني مهنة المحاماة في السلطنة، ووضع لها تشريعا خاصا يسمى (قانون المحاماة)، والتي وضح فيه كافة التفاصيل الخاصة بالمهنة، بالإضافة إلى الذي يحق له العمل في هذه المهنة العظيمة والكبيرة، فقد نصت المادة الأولى من قانون المحاماة: (المحاماة مهنة حرة تشارك في تحقيق العدالة وتأكيد سيادة القانون، وذلك بكفالة الدفاع عن المتقاضين. ويمارس المحامون مهنتهم مستقلين لا يخضعون إلا لضمائرهم وأحكام القانون).
ويحظر استعمال لقب محام على غير من يقيد بجدول المحامين التي ينظمها القانون، ولا يجوز ممارسة المهنة الا بعد الحصول على ترخيص بذلك، ويصدر بذلك قرار من وزير العدل والشؤون القانونية يتضمن الشروط والإجراءات اللازمة للحصول على الترخيص.
وقد نظم القانون آلية القيد في الجدول العام للمحاماة ومن ضمن تلك الشروط أن يكون عمانيًا، وبالغًا من العمر (21) عامًا- على الأقل- متمتعًا بالأهلية الكاملة، وحاصلًا على شهادة في الشريعة أو القانون، وأن يكون محمود السيرة وحسن السمعة، ويجب على المحامي أن يؤدي اليمين القانونية أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة وفق الصيغة المحددة لذلك.
ويجب أن يعامل المحامي بالاحترام الواجب للمهنة، ويحق له قبول التوكيل في أي دعوى يراها وحسب اقتناعه للدعوى، ويتوجب عليه أن يسلك المسلك الناجح طبقًا لأصول المهنة في الدفاع عن حقوق موكله، ويحق له الاطلاع على الأوراق القضائية وملف الدعاوى والحصول على البيانات المتعلقة بالدعاوى، حتى يتمكن من تقديم الدفاع المناسب في الدعوى التي تم توكيله فيها.
ومن واجبات المحامي أن يلتزم في سلوكه المهني والشخصي بمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة وأن يقوم بجميع الواجبات التي تفرضها القوانين، وأن يلتزم بآداب المهنة وتقاليدها.
ويتوجب عليه تقديم المساعدة القضائية لغير القادرين على توكيل المحامين، وذلك وفق الحالات التي ينص عليها القانون، ويجب عليه ان يجتهد في واجبه بالدفاع عن الدعوى، وبذل العناية الكافية في ذلك، ولا يجب عليه التنحي عن مواصلة عمله في الدفاع إلا بعد أن تقبل المحكمة تنحيه وتندب غيره للدفاع عن صاحب القضية.
ويتوجب على المحامي الامتناع عن أداء الشهادة عن الوقائع أوالمعلومات التي علم بها بحكم مهنته ما لم يكن قد قصد من الشهادة منع ارتكاب جريمة، بالإضافة انه يتوجب على المحامي الامتناع عن ذكر الأمور الشخصية التي تسئ لخصم موكله اواتهامه بما يمس شرفه اوكرامته ما لم يستلزم ذلك ضرورة الدفاع عن مصالح موكله، بشرط الا يتعسف في استعمال ذلك الحق، ويتوجب عليه أن يحتفظ بالمعلومات، مالم يتم يطلب منه إظهارها للدفاع عن مصالح موكله في الدعوى، بالإضافة يتوجب عليه ويمتنع امتناعا كبيرا عن إبداء أية مساعدة وحتى من قبيل المشورة لخصم موكله في النزاع أو أي نزاع مرتبط فيه.
وفي الختام.. يتوجب على المحامي ألا يجعل من مهنته مكسبًا ماليًا وحسب، وتبعده عن الغاية الأسمى التي من شأنها أن تكون أعمال المهنة مساعدة الآخرين والدفاع عن الحقوق، وليس القصد منها التكسب المادي الكبير فقط؛ إذ لا ننكر أن يقوم المحامي بالحصول على أتعابه جراء الخدمات التي يقوم بها؛ لأنه في النهاية يبذل الجهد والوقت في خدمة موكله.